الملخّص
لا غرو في أنّ الصّراعات السّياسيّة بلغت أوجها في العصر الأمويّ؛ عصر الفتن والخلافات الأيديولوجيّة التي أحدثت شرخاً عظيماً في الثّقافة الإسلاميّة التي بدأت تتجزّأ وحدتها بعد تبلور أحزاب متحاربة فيما بينها؛ من أمويّين وشيعة وزبيريّين وخوارج. ولكنّ حزباً لم يمتلك شبق الحرب والدّماء كحزب الخوارج الذي نشأ نشأةً جدليّة قوامها معارضة النّسق الجمعيّ لأنصار عليّ (ع)، إلى أن صارت معارضتهم معارضةً مركّبة؛ فثاروا على عليّ وعلى معاوية معاً، ولم يتقاربوا مع أيّ فريقٍ من فرق العصر الأمويّ على اختلافها، رافعين في كلّ ذلك رايات الحرب، ظانّين أنّ القتال وسفك دم "الآخر" هما معيار إثبات الشّجاعة والسّيادة المرجوّتين، ولذلك سيطر شبح الموت على حياتهم وسلوكيّاتهم. وعليه، أعلنت أنساق أشعار الخوارج تجلّياتٍ نوعيّةً للحرب ومستلزماتها من شجاعة وقوة، ولاسيّما أنّها –على زعمهم- حرب الحقّ، كما أعلنت جماليّات الجهاد وعظمة الشّهادة وأحقّيّة الخوارج في تولّي أمر المسلمين. ولكنّها أضمرت ما أضمرت من أنساق العصبيّة، والبطش، والطّغيان، والإقصاء، والقلق الوجوديّ لحزبٍ لم يعرف أصحابه الرّكون إلى السّلم، بل ظلّوا بين غبار النّقع وساحات الوغى يتربّص بهم شبح الرّدى.
الکلمات المفتاحيّة
الموضوعات الرئيسة