الملخّص
تعدّ الموازنة بين الشّعراء من أهمّ الموضوعات الّتي تناولها النقد الأدبي العربي على مرّ العصور. تتضمّن هذه الموازنة، مقارنة الأعمال الشعرية بين شاعرين أو أكثر، من حيث الأسلوب، واللغة، والمعاني، والصور الفنية، والأفكار. يعدّ كتاب "الموازنة بين الطائيين" للآمدي واحداً من أشهر الكتب في هذا المجال. قام الآمدي بمقارنة بين الشاعرين أبو تمام والبحتري، حيث تناول أسلوب كل منهما ومواطن القوة والضعف في أشعارهما، واعتمد على الذّوق الأدبي بشكل كبير في كتابه، إلى جانب اعتماده على معايير بلاغيّة وفنّية واضحة. أمّا نحن في هذا البحث فنرید من خلال الاعتماد علی منهج تحلیل الخطاب النّقدي أن نقوم بدراسة بعض النّماذج الشّعریّة المستخرجة من کتاب «الموازنة»، فلهذا تمّ اختیار موضوع «الخروج إلی المدیح بذکر الغیث». قد حکم الآمدي في هذا القسم لصالح البحتري ولم یذکر دلیلاً أو سبباً لهذا الحکم. ولکن نحن في هذا البحث من خلال الاعتماد علی منهج علميّ قمنا بمعالجة موضوع التّکدّس اللّغوي، ومن خلال دراسة المفردات المحوریّة الموجودة في قصیدة أبي تمّام لاحظنا بأنّ المطر وما یرتبط به من معان ومفردات یتکرّر في کلّ بیت حتّی یصل إلی مدح الممدوح. وتکرار هذه المفردات سبّب تکدّساً لغویاً، أدّی في النّهایة إلی تماسک نصّيّ استطاع الشّاعر من خلاله أن ینقل ما تتضمّن قصیدته من الأفکار والرّؤی إلی مخاطبه وممدوحه. في الجانب الآخر اتّبع البحتري منهج القدماء في البدایة الغزلیّة والنّسیب ولم یهتمّ بموضوع التّکدّس اللّغوي فلهذا نشاهد شعره في هذا المجال خالیاً من التّماسک النّصّي الّذي یربط بین أجزاء القصیدة، ولا نلاحظ ارتباطاً عمیقاً بین المواضیع المختلفة الّتي یتطرّق إلیها الشّاعر.
الکلمات المفتاحيّة
الموضوعات الرئيسة