الملخّص
إِنَّ الاستلزام الحواريّ، كأبرز المفاهیم في البحث التداولي الغربي الحدیث، لصیق بلسانیَّات الخطاب الَّتي أخذ معها الباحث الّلساني منحی متمیِّزا. وقد أظهر الاستلزام الحواريّ جانباً من جوانب الإعجاز في القرآن الكریم، وتكمن أهمّیته في تفسیر التراكیب القرآنيّة وربطها بمقامها. وهذه الدراسة محاولة لتطبیق نظریة الاستلزام على قصّتي زكریّا ومریم -علیهما السَّلام- في القرآن موزَّعة في سورتي آل عمران و مریم؛ وسبب اختیار هاتین القصّتین یرجع إلی أنَّهما أبلغ وأروع القصص القرآنيّة في خرق العادات، وهما موجَّهتان في أَسالیبهما للتأثیر علی المخاطب وتعاملاتِه واستمالة العقول وتوجیه النّفوس. وبما أنَّ القصّة تلعب دوراً بارزاً في التربیة ولا تزال موضع عنایة البشر، فقد اتّخذ البارئ – عزَّ وجلّ- القصص وسیلة من وسائل الإقناع والتأثیر في كتابه العظیم وضمّنها أدلّته وحججه علی الجاحدین والمشركین. وقد اكتفی هذا البحث بمبدأ التعاون الَّذي جاء به غرایس باعتباره منظّراً لهذا البحث التداولي الحدیث بطریقة وصفیَّة تحلیلیة. والنتائج تدلُّ علی أن عشر حوارت في القصَّتین تشمل الاستلزام الحواريّ، حيث عدلت عن المعاني الحقیقیة إلی المعاني المجازیة المستلزمة لتعطي دلالات جدیدة وأنَّ خرق قاعدة الكم والكیف أكثر الخروقات لتحقیق الاستلزام الحواريّ. وفي الحوارات الخاصَّة لزكریَّا ومریم (علیهما السَّلام)، تم خرق قواعد الحوار بطریقة تناسب الاستلزام الحواريّ ومن أهمّ ملامح ذلك استخدام اسم الاشارة، الإیجاز، الإطناب، والصور البیانیة لتظهر كرامة زكریَّا (علیه السَّلام) وشوقه من أعماق النفس للذریَّة وكرامة مریم (علیها السَّلام) بخارق العادة في حملها وقداسة ولدها وتنزیهها من التهم الشنیعة الَّتي اتهمها بها قومها.
الکلمات المفتاحيّة
الموضوعات الرئيسة