الملخّص
إنّ للفن الشعري قدرة فائقة في الافادة الممكنة من الفنون السمعبصرية والتشكيلية، فقبل ظهور السينما (الفن السابع) كان الشعر في البداية تأثّر بالفنون الأدبية والدرامية وتخطّى هذه المرحلة بصورة تدريجيّة ودخل مرحلة متطوّرة وهي مرحلة الكتابة بالصورة البصريّة كالرسم والألوان وتُعرف بالصورة الثابتة، وبعدها الصورة المتحركة والكتابة بالضوء؛ لذا كان لآليات السينما كالسيناريو والكاميرا والمونتاج فضل لا يُستهان به في تطوير بنية القصيدة الحديثة. يُعدّ السيناريو من أحدث التقنيات في السينما ويُقصد به وصف تسلسل الأحداث والمكان والزمان والشخصيات وفقاً للنقد السينمائي. وقد كان للقصيدة المعاصرة نصيب من هذه التقنية الحديثة، ومن أهمّ الشعراء المعاصرين الذين اهتموا بهذه التقنية الشاعر سعدي يوسف. تتقارب رؤية يوسف من الرؤية السينمائيّة بشدّة في أشعاره وبالأخص في قصيدته "شعابٌ جبليّةٌ" التي أتحفها بأحداث متسلسلة ومشوّقة استلهمها من الطبيعة في الريف الإيطالي والمغامرة التي قام بها هو ورفيقاه جوان ماكنلي وفوزي الديلمي، لذا تجلّت في قصيدته تقنية السيناريو بصورة واضحة ودقيقة.
تسعى هذه الدراسة لاستجلاء تقنية السيناريو التي تتوافق مع أحداث قصيدة "شعابٌ جَبَليّةٌ" للشاعر سعدي يوسف وفقاً للمنهج الوصفي – التحليلي؛ وقد توصّلنا في هذا البحث إلى أنّ قصيدة "شعاب جبلية" اعتمدت علي تقنيّة السيناريو السينمائي في أسلوبها الوصفي لتصوير المشاهد الطبيعيّة التي تبعث روح النشاط والحيوية والمرح في نفس المخاطب لما تتمتّع به من صفات بصريّة مميّزة تجذب أنظار الرائي، لذا ركّز الشاعر في كاميرته الشعرية علي رصد المشاهد السمعبصرية ووصفها وفقاً للقواعد الوصفية كالتقطيع الفني للقطات والصور التي يأتي بها السيناريست في كرّاسته. والشاعر لنقل هذه المشاهد للمتلقي خلط بين الروح الشعرية وجمال الطبيعة وقواعد السيناريو بصورة موفّقة فاستخدم الأفعال المضارعة التي تتّفق مع زمن العرض الآني للنص المفلمن كما لم يتخلَ عن الأصوات في النص كصوت الشخصيات وصوت الموسيقى التي ترفع مستوي النص الشعري من نص مقروء إلي نص مفلمن.
الکلمات المفتاحيّة
الموضوعات الرئيسة