الملخّص
لما كانت المعرفة نسبيةً للبشرفإن راوياً واحداً،سواء أكان الكاتب أوشخصية من شخصيات القصة، لا يلمّ بها من جوانبها كاملة والراوي العالم بكل شيء في الرواية لا يسيطر علي كل الجوانب المطلوبة لدي الشخصيات. فيستفيد الكاتب من تقنيات السرد المختلفة؛ كتقنية تعدد الرواة ليوظّف العوامل والرواة المختلفين للغور في الأعماق البشرية ونياتها وأعمالها. كان الرواة في ميرامار، وهم نفس الشخصيات المختلفة المشارب والمعارف التي تنقّلت في أيديولوجياتها من التعقل والحكمة إلي التَّطرّف والجنون، ومن حبّ الخير للآخر وإسداء النصائح له إلي الحقد عليه وكراهيته.ومن هنا تعددت وجهات النّظر في الأحداث حسب الموقع الّذي يقف فيه الراوي لرصد العالم المحيط به،وقد يكون هذا الموقع أيديولوجياً أو دينياً أوسوي ذلك. فتتبدّل صور الأشياء بتبدّل المواقع ومخيلة القارئ، وتتبدّل هذه الصور علي حسب الزاوية الّتي تُلتقط منها الصور وحسب المسافة الّتي تقع بين الراوي والأشياء. الرواة في هذه الرواية مشاركون في صناعة الأحداث، بل كانوا أبطالها؛ ينتمون إلي المكان والزمان اللذين تنتمي إليهما الشخصيات والأحداث وهم لا يحكون من الماضي فقط بل يسردون أيضاً الأحداث الّتي يعيشون فيها.
فأهمية هذه الرواية تكون في الشهادة علي وقوع الحدث والمشاركة فيه من جهة ومعرفة وجهة نظر الراوي في ما يبثه ويرويه من جهة أخري. تختلف صورة المكان في هذه الرواية بين راو وآخر. للمعلومات والحوادث مصادر وآليات مختلفة في هذه الرواية؛كالتذكر، والحوار، والمونولوج، والمشاهدة. فالرواية في ميرامار تقدم لنا عبر وعي الرواة عن طريق الحوار والمنولوج الداخلي وتيار الوعي. فميرامار هوالمكان المركز الّذي يضم هذه الشخصيات المتنافرة ولكنه لا يجمع بينها؛ فهم لا يشكلون أسرة يعرف أفرادها أشياء كثيرة ومعلومات جمة عن كل شخصية. ميرامار رواية ذات بنية متعددة الأصوات لأحداث واحدة؛ فلذلك تقوم علي التكرار في كثير من مفاصلها؛ لأن وجهات النّظر تكون مختلفة حول الحدث الواحد والصورة الّتي يرسمها الراوي لنفسه تكون غالباً أوضح من الصورة الّتي يرسمها لسواه والتي يرسمها سواه له.
الکلمات المفتاحيّة
الموضوعات الرئيسة