الملخّص
انبثقت الدراسات السرديّة الواعية بفنّ السرد من نتائج البحث النقديّ للشكلانيين الروس، منذ منتصف القرن العشرين، في نطاق هاجس علميّ دفع الناقد "تودوروف" إلى تحديد علمٍ خاصٍ بالسرد أطلق عليه مصطلح (السرديّة) الذي يعني (علم السرد) ويهتمّ بتحديد البُنى الداخلية في السرد، وتمييز خصائصها النوعية، والكشف عن العلاقات التي تربط بعضها ببعض من حيث هي عناصر ثابتة في المبنى الروائي وتكشف عن العلاقات التي تربطها بمكونات الخطاب السرديّ، ومعرفة آلية اشتغالها، وتحديد نظام عملها وقواعده، مما هيأ للدارسين أرضية علمية تمكّنهم من تحديد أساليب الخطاب القادرة على توصيل الرسالة السردية في صورة منتج فنيّ هو قصة أو رواية، وأصبحت دراسة هذا الفن بوصفه فرعاً أدبياً قائماً بذاته تُبنى على خصائصه الداخلية النوعية بعيداً عن التدخلات الخارجية أو إسقاطات ما حول النصّ على النصّ.
يهتمّ هذا البحث بمصطلحي (البنيّة السرديّة) و(الخطاب السرديّ) بوصفهما يشكلان المنهج التطبيقي لمصطلحين أساسيين هما: (الأدبيّة) الذي يُعنى بالكشف عن الخصائص النوعيّة للسرد، ولمصطلح (الشعريّة) المعنيّ بالكشف عن خصائص الخطاب السرديّ الذي يتمثّل في النصّ الروائي الحامل لإرسالية لغوية يتجاذبها طرفان (المرسِل = الراوي، والمرسَل إليه = المرويّ له)، علماً بأنّ الهدف المركزي للمصطلحين يتوخى التأكيد على الخصوصية النوعية لمقولات الفن الروائي، وتتفق المناهج االنقدية بالرغم من اختلاف مذاهبها على أنّ دراسة الفن السرديّ لا بدّ أن تنطلق من البنية السردية بما تتضمنه بُنياتها الداخلية من خصائص نوعية، حيث ترتبط عناصر التكوين السرديّ فيما بينها بعلاقات ذات صبغة وظيفية وتقنية وتعمل على تأسيس النصّ الروائي (الخطاب السرديّ) وفق أساليب متنوعة تحدّدها ضوابط البنيّة السرديّة.
فالخطاب السرديّ ليس أيّ صياغة نثرية، إنه فرع أدبي قائم بذاته ينبني على عناصر ومكونات ذات خصائص نوعية تشتغل وفق نظام تضبطه المفاهيم السردية في قواعد ثابتة.
الکلمات المفتاحيّة
الموضوعات الرئيسة