الملخّص
إنَّ القياس النحوي قد بلغ من السّعة والشمول حداً استوعب فيه جميع المواضيع النحوية، قال الكسائي: (من الرمل، والقافية من المتدارك):
إنَّما النحو قياسٌ يُتبَعْ وبه في كلّ أمرٍ يُنتفَعْ
ولا شك أنَّ هذه السعة تمنح القياس النحوي أهمية كبيرة في الدراسات النحوية الأصولية، لذلك كان المؤمل من علماء النحو القدماء أن تدفعهم هذه الأهمية القصوي إلي تحديد أطر القياس الصحيح وتشخيص ضوابطه تشخيصاً دقيقاً، وأن تحدو بهم إلي الاجماع النسبيّ علي العمل بهذه الضوابط، ليحتذيها، ويهتدي بها الخلف من العلماء في إجراء الأقيسة، واستخدامها استخداماً صحيحاً دون أن يُحمِّلَ إجراءُ الأقيسة علمَ النحو سلبيات هو في غني عنها. لكن، للأسف الشديد، لم يحصل ذلك، إذ لم يحدثنا التاريخ باجماع علماء النحو علي ضوابط تعيّن القياس الصحيح، لذلك ابتُلِيَ علم النحو بكثرة الآراء المتضاربة التي كان كثير منها وليد أقيسة غيرصحيحة. وإنَّ هذه المقالة التخصصية تكفلت بدراسة أهم ضوابط القياس الصحيح، ورصدها في المصادر القديمة الأصلية، ولا شك أنَّ الالتزام بإجراء الأقيسة الصحيحة يلعب دوراً وظيفياً فاعلاً في الحد من الاجتهادات النحوية المستندة إلي أقيسة غيرصحيحة، وبذلك تقل الخلافات إلي حد كبير. وإذا تحقق ذلك، فانه، بلاشك، عمل علمي خطير، ينقذ النحو مما هو فيه، ويغلق الباب أمام الناقدين، ويستعيد النحو أصالته وطراوته وحيويته، وهذا هو أحد طرق التيسير العلمي والإحياء التراثي، لكنّ الذي يبدو أنَّ هذا العمل الجسيم لايقوي عليه إلاّ المتخصصون في علم أصول النحو.
الکلمات المفتاحيّة
الموضوعات الرئيسة