الملخّص
للقرآن الكريم أثر هامّ في غزليّات حافظ الشيرازي و قد تأثّر حافظ، بهذا الكتاب الكريم بشكل رمزيّ و تأويليّ يميل إلي الإبهام الفنيّ و الشعريّ أكثر من أن يدلّ علي الوضوح. يأخذ حافظ الشاعر، ألفاظاً و معانيَ قرآنيّة ثمّ يصوغ منها أسلوبا شعريّا خلابا له سلطة تأثيريّة قويّة. هناك يبدو، بين الغزليّة 216 في الديوان و قصة سليمان و ملكة سبأ في سورة النمل، تَلاؤم فنيّ و رمزيّ من حيث المفردات و المضامين بحيث اقتبس الشاعر، من القصّة القرآنيّة و الروايات التي جاءت في تفسير الآية الرابعة و الأربعين من سورة النمل في التفاسير لا سيما الكشّاف للزمخشري حول الجنّ و ملكة سبأ من كراهية الجنّ أن يتزوجها سليمان خوفا من إفضاء الملكة بأسرارهم الي سليمان و العيوب التي نموها الي الملكة من العيب في عقلها و ساقها و قدمها و كشفها عن ساقها واختبار عقلها بتنكير العرش و... من المضامين التي تؤيد هذا التلاؤم و الاشتراك أكثر فأكثر و قد اتّخذ حافظ الشيرازيّ، هذه القصّة القرآنية الخلابة، بناء وطيدا و مادّة غنيّة لأفكاره و غزليّته و أثري بها جماليّتها بحيث نري أنّه هدم بناء القصّة و أحدث منها و عليها بناء جديداً كما أنشد شعره في أساليّب أدبيّة بشكل رمزيّ يلقي الضوء علي كل مخاطب يتلقي منه معناه الخاصّ و يؤولّه تأويلا يختلف مع الآخراختلافا ما. مثلا انّ حافظا أخذ مادّة "نظر" من قصّة سليمان التي استعُملت في تراكيب: سَنَنظُرُ /فَانظُرْ/فَانظُرِى/فَنَاظِرَة/نَنظُر، فأحدث منها بناءا جديدا و تراكيب حديثة ذات إبهام جميل و رمزمثاليّ و هي" منظور خردمند" (المنظورة العاقلة) و "صاحب نظر" و "نظر كردن" (النظر) جاء بها في غزليّته بشكل رمزيّ لا ينتقل المخاطب إلي القصّة القرآنيّة إلّا بعد تأمّل عميق. و هذا الأسلوب الرمزيّ ممّا جعل شعره فتانا طيلة الزمن و خلابا علي مرّ الدهور.
الکلمات المفتاحيّة
الموضوعات الرئيسة