الملخّص
لايزال الشعر الكويتي المعاصر-بكثير من تفاصيله وخصوصياته- خافياً على كثير من العرب، فضلاً عن غيرهم. وما هذه المقالة إلاّ جانب من الجوانب الكثيرة للشعر الكويتي المعاصر الذي استطاع أن يخترق الحدود ويسافر إلى أنحاء كثيرة في المعمورة، بشكل عام، وفي البلاد العربية، بشكل خاص.
تتناول المقالة قصيدة طويلة، أو بالأحرى، ملحمة شعرية، ولكنها غنائية، و هي (مذكّرات بحّار)، لواحد من شعراء الكويت المعاصرين والمقتدرين، ألا وهو الشاعر محمد الفايز. تتناول المقالة تلك المذكّرات بالعرض والتحليل فتقف في عدّة مواضع ثم تتعرض لبعض الجوانب النقدية فيها فتناصر الفايز حيناً وتعارضه أحياناً وذلك في أسلوب يقوم على رصد المعاني واستقراء الأفكار.
الموضوع الذي تُركِّز عليه المذكّرات هو الحياة اليومية للبحّار القديم الذي كان البحر مصدر رزقه فكان عليه أن يصارع أهواله. فقد ساير الفايزُ البحّارَ في رحيله لصيد اللآلئ بالغوص عليها ووصفَ أحاسيسه اتجاه مصاعب البحر وأخطاره وعاد معه إلى بيته فعرّفنا بحالة عائلته المزرية والفقر الذي كانت تعانيه، فيما هو يحمل الدرر والعقيان للآخرين، الذين كانت عائلته أحقّ منهم بها.
المذكرات هي تجربة شعورية عامّة حاول الفايز تحويلها إلى تجربة ذاتية عندما تقمّص شخصية البحّار وكان الراوي لمذكراته، وظهرت معاناة الشاعر للتجربة من خلال العروض التي قدّمها الفايز لأحوال البحّار المختلفة بتفاصيلها الدقيقة. وقد استطاع الفايز توظيف العنصر العاطفي على أحسن وجه فنرى صدق العاطفة وقوّتها، إذ استعان بالعواطف الإنسانية العامة التي أكسبت مذكّراته بعداً عالمياً وامتداداً بلا حدود، فليس في المذكّرات عواطف أو مشاعر قومية أو إقليمية أو وطنية. وقد أكثر الفايز، من أجل رسم الصور المناسبة القريبة من ذهن القارئ، أكثر من استعمال الأساليب البيانية، وخاصة الاستعارة المكنية والتشبيه المرسل والتشبيه البليغ. كما استعمل صيغ المتكلّم كثيراً، في الأفعال والضمائر، لأنه كان البحّار الراوي ولم يستعمل صيغ الغيبة إلاّ في مواضع نادرة.
الموضوعات الرئيسة